وقد بنى (١) على ذلك بالنسبة إلى الدم الملطوخ بالثوب المحتمل كونه من الدم المسفوح فيكون نجسا أو المتخلّف في الذبيحة ليكون طاهرا ، لأنّه قد بنى على نجاسة الدم كليّة ، ثمّ بخروج المقدار المتعارف الخروج بالذبح يحكم الباقي بالطهارة ، فإنّه حكم بعضهم بنجاسة هذا الدم استصحابا لحكمه السابق ، وآخرون حكموا بطهارته للاستصحاب الموضوعي الّذي لا يجري معه الاستصحاب الحكمي ، فإنّ استصحاب بقاء هذا الدم إلى زمان خروج الدم المسفوح يوجب الحكم بطهارته.
وقد منع الميرزا قدسسره من جريان الاستصحاب بدعوى أنّ الدم الخارج المسفوح قد حكم الشارع بنجاسته قطعا فهو غير مشكوك فيه ، كما أنّ المتخلّف في الذبيحة قد حكم بطهارته بعد خروج المتعارف منه. وحينئذ فيشكّ في كون هذا الدم الملطوخ من الدم المحكوم بطهارته أم لا ، فمع احتمال انقطاع الشكّ لاحتمال انطباق كونه محكوما بالنجاسة أو الطهارة قطعا يوجب عدم جريان الاستصحاب ، لأنّه شبهة مصداقيّة أنّها من موارد الاستصحاب أم لا (٢).
أقول : إن منع من جريان الاستصحاب في هذه الموارد بتلك العناوين المتيقّنة فالأمر كما أفاده ، إلّا أنّ هذا الإناء مثلا بعنوان أنّه موجود الآن كان متيقّن النجاسة سابقا قطعا ومشكوك النجاسة بهذا العنوان فقد تحقّق أركان الاستصحاب فلا مانع من جريانه حينئذ ، ولا مجال لأنّ يقال : إنّا نحتمل أنّه قد انقطع الشكّ باليقين بالطهارة ، فإنّ الشكّ بهذا العنوان أمر وجداني فعلا ، كما أنّ الشكّ في خروجه إلى زمان خروج الدم المسفوح أمر وجداني فيستصحب عدم خروجه ، فلا مانع من جريان الاستصحاب في كل منهما في نفسه إلّا أنّه مع تحقّق الأصل الموضوعي لا يبقى مجال للحكم. فلا مجال لما ذكره ، فالحقّ جريان الاستصحاب
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٥٥.
(٢) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٥٥ ـ ١٥٦.