بقي شيء ربّما يتوهّم وروده وهو أنّه في المثال المفروض إنّما ينفع الشكّ في الإسلام فيما إذا تحقّق الموت ، لأنّه إنّما نشكّ في عدم الإسلام وتحقّقه حال الموت ، لأنّه ذو الأثر الشرعي ، وذلك إنّما يكون يوم الأحد إذ هو اليوم الّذي نقطع فيه بتحقّقهما معا ، وإنّما نشكّ في أنّ أيّهما متقدّم وأيّهما متأخّر ، فيوم الأحد هو يوم الشكّ إلّا أنّ زمان اليقين بعدمهما هو يوم الجمعة حسب الفرض ، فيوم السبت هو فاصل قطعي وليس زمان يقين ولا زمان شكّ ، فكيف يجري الاستصحاب؟
(وربّما قيل (١) بأنّه مراد الآخوند قدسسره من متن الكفاية وهامشها (٢) والظاهر أنّ مراده ما ذكرناه سابقا ، إذ لو أراد الوجه الأخير لعلّل بالقطع بالانفصال فيخرج عن أخبار الاستصحاب قطعا ، ولا يكون من قبيل التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة ولكنّه علّل باحتمال الانفصال فلا ينطبق إلّا على ما ذكرنا.
وأمّا أصل هذا الوجه) (٣) فقد ظهر جوابه ممّا ذكرنا ، فإنّ العبرة في جريان الاستصحاب بفعليّة كلّ من الشكّ واليقين وإن كان متعلّقهما متقدّما على هذا الزمان ، وحينئذ فلا أثر لفصل يوم أو أكثر أصلا ، ولا يتصوّر أن يكون المورد من قبيل الشبهة المصداقيّة لجريان الاستصحاب.
نعم ، يتصوّر الشبهة المصداقيّة في الاستصحاب فيما إذا لم يظهر من الدليل كون الأثر الشرعي مترتّبا على نفس اليقين أو على لازمه ، كما ادّعي في الشكّ في وجود الحاجب إذا تردّد أنّ المأمور به هل هو صبّ الماء على الأعضاء وأن لا يكون ثمّة حاجب ، فهو موضوع مركّب يثبت أحد جزءيه بالوجدان وهو الصبّ والآخر بالتعبّد وهو عدم الحاجب ، أو أنّ المأمور به هو غسل البشرة وهو عنوان بسيط
__________________
(١) انظر نهاية الأفكار ٤ : ٢٠٩ ـ ٢١١.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٤٨٠.
(٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.