لا من جهة الامتثال ، فيمكن استحباب الاحتياط حينئذ من هذه الجهة لهذه الرواية المباركة ، فتحمل على الاستحباب المولوي.
وما ذكره قدسسره من جهة الاستحباب المولوي ، متين جدّا. لكن ما ذكره قدسسره من لزوم حملها على الاستحباب لوقوعها في سلسلة المعلولات للحكم وهو الامتثال ، لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ الوقوع في سلسلة المعلولات ليس محتّما لكون الواقع إرشاديّا ، وإنّما يحمل الأمر على الإرشاديّة إذا استحال حمله على المولويّة لأنّ ظهور الأمر في المولويّة مانع عن إرادة الإرشاد.
نعم ، لو استحال حمله على المولويّة لزم مخالفة الظاهر حينئذ قهرا فيحمل على الإرشاد كما في أوامر الإطاعة ، فإنّ الأمر بنفس الواجب لو لم يكن داعيا للمأمور به لم يكن الأمر بالإطاعة داعيا إليه لعدم وجوب امتثال لخصوص الأمر بالإطاعة دون الأمر بالواجب. فلو فرض إمكان التسلسل في أوامر الإطاعة أيضا لو لا حكم العقل بلزوم الإطاعة لا تجدي الأوامر الشرعيّة بالإطاعة أصلا ، وهذا معنى قوله : «من لم يكن له زاجر من نفسه لم تنفعه الزواجر» (١) ففي مثل الأمر بالإطاعة حيث استحال حمله على المولويّة لزم مخالفة ظهوره في المولويّة ، وحمله على الإرشاد لا لكونه في سلسلة معلولات الحكم. وهذا بخلاف الأمر بالاحتياط فإنّ الاحتياط مع إدراك العقل عدم تحتمه وجواز تركه يمكن للشارع مولويّا أن يأمر به إلزاما لأن لا يفوت الملاك الواقعي كما يقوله الأخباري واستحبابا كما نقوله. فقد ظهر حينئذ إمكان حمل أوامر الاحتياط على الاستحباب حتّى بلحاظ جنبة كونه امتثالا.
وأمّا الكلام في الثاني من الأمرين وهو أنّه هل يعتبر في إتيان الاحتياط المستحبّ رجاء الأمر الواقعي فيكون أمر الاحتياط في طول الأمر الواقعي المحتمل
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ولكن ورد عن أبي جعفر عليهالسلام : من لم يجعل الله له من نفسه واعظا فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا. تحف العقول : ٢٩٤.