يدور مدار اعتبار الشخص نفسه فهو امر دائر بين الوجود والعدم.
فالمتحصل من هذا ان كلا من جملتى الخبر والانشاء تبرز شيئا فى ضمير المتكلم غاية الامر المبرز فى الجملة الخبرية هو الحكاية عن ثبوت النسبة ، او عدمها خارجا ، وفى الجملة الانشائية هو الامر النفسانى من الاعتبار او غيره. فهما مشتركان من ناحية الابراز.
اما من ناحية الصدق والكذب فهما مختلفان. فالجملة الخبرية بعد ان كان المبرز فيها الحكاية والاخبار امكن اتصاف ذلك بالصدق والكذب من حيث المطابقة للواقع وعدمها. واما الجمل الانشائية فالمبرز فيها امر نفسانى ، وهو غير قابل للاتصاف بكل واحد منها ، وإنما يدور مدار اعتبار الشخص نفسه ، فهو إما موجود وإما معدوم.
وقد تحصل مما ذكرنا ان المستعمل فيه اللفظ فى الجملة الخبرية غيره فى الجملة الانشائية. وبذلك يظهر التأمل ـ فيما افاده صاحب الكفاية (قده) فى مبحث الطلب ـ من ان الشخص ربما يعبر بجملة خبرية ، ويقصد بها الطلب مثل يعيد ويتوضأ ، بدعوى ان هذا النوع من الطلب يكون آكد فى البعث من الصيغة ـ حيث ابرز بصيغة الاخبار عن وقوع المطلوب به فى مقام طلبه لاظهار ان الآمر لا يرضى إلا بوقوعه ـ فكانت الجملة الخبرية مستعملة عنده فى معناها ، وهو الدلالة على ثبوت النسبة. إلا ان الداعى الحقيقى هو الطلب. وقد عرفت ان الجملة الانشائية لا تحكى عن ثبوت النسبة وعدمها ، وإنما تبرز الاعتبار النفسانى الخاص.
مضافا الى ان ذلك لو تم لجاز لكل أحد أن يستعمل الجملة الاسمية فى معناها ، ويقصد منها الطلب. مع اننا لم نشاهد ذلك اصلا. نعم بعض الجمل الاسمية تستعمل فى مقام الانشاء مثل زوجتى طالق ، وأنت حر.