ان يبادر العبد الى اتيان المقدمة دفعا للضرر عن نفسه ، وهكذا باقى الامثلة ، و (بعبارة اخرى) العبد لما كان قادرا على اتيان الواجب باتيان المقدمة بحيث يعلم فوات الواجب فى وقته اذا ترك مقدمته فالعقل يحكم عليه بالعصيان فى فرض الترك لانه فوت غرضا ملزما للمولى باختياره ، وامتناعه فى وقته انما كان باختياره والامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار عقابا ـ هذا كله فيما كانت القدرة المعتبرة فى الواجب عقلية.
وعلى الثانى ـ وهو ما كانت القدرة شرعية فالاقسام ثلاثة.
(القسم الاول) ما كانت القدرة دخيلة فى الملاك شرعا بنحو من التوسعة والاطلاق بحيث اعتبرت فيه فى الجملة ، ففى هذا القسم يحرم تفويت القدرة سواء كانت موجودة قبل زمان الوجوب او الواجب فان التمكن على اتيان الواجب بالقدرة على اتيان المقدمة مما يستدعى حكم العقل بصحة معاقبة العبد لو تخاذل عن الامتثال ، لان ترك ذلك يستلزم تفويت غرض ملزم للمولى ومعه يلزم الاتيان بالمقدمة ، فلا فرق فى وجوب المقدمة المفوتة بين هذا القسم ، والقسم السابق ، وانما الفرق بينهما فى جهة اخرى وهى كون القدرة دخيلة فى الملاك هنا بخلافها هناك فانها ليست دخيلة فى الملاك اصلا وانما اعتبرها العقل من جهة توقف صحة توجيه الخطاب عليها.
(القسم الثانى) ما لو كانت القدرة المعتبرة فى الواجب شرعا ودخيلة فى ملاكه ـ قدرة خاصة ـ وهى التى تحصل بعد وجود شرط خاص من شرائط الوجوب ، ففى هذا القسم يجوز تفويت القدرة للمكلف قبل تحقق هذا الشرط ولا يجوز له تفويتها بعده وذلك كالقدرة المعتبرة شرعا فى وجوب الحج بعد تحقق الاستطاعة المالية فان القدرة المعتبرة فى وجوبه ليست