بين وجوب شىء وحرمة ضده فاننا ننتقل الى حرمة الصلاة فيما اذا وجبت ازالة النجاسة عن المسجد. وكذا اذا ادرك العقل استحالة الامر والنهى فاننا نجزم حينئذ بعدم صحة الصلاة فى الدار المغصوبة ، وكذلك اذا ثبتت الملازمة بين حرمة عبادة ، او معاملة وفسادها فاننا نجزم حينئذ بفساد العبادة او المعاملة فيما اذا تعلق النهى بها ، فهذا القسم من المبادى يبحث عنه فى علم الاصول ، وغايته الايصال الى الحكم الشرعى على نحو القطع.
ومنها ـ ما يوصل الى الحكم الشرعى لا على نحو يوجب العلم الوجدانى بل يوجب العلم التعبدى به ، كمباحث الالفاظ والحجج ـ وهى على نحوين : النحو الاول ـ ما يبحث عن الصغرى بعد الاعتراف بالكبرى. النحو الثانى ـ بالعكس ما يبحث فيه عن الكبرى بعد تسليم الصغرى ـ اما النحو الاول ـ فهو مباحث الالفاظ حيث يبحث فيها عن ظهور الامر فى الوجوب ، او ظهور النهى فى الحرمة وغير ذلك ، فان الكبرى مسلمة وهى ان كل ظاهر حجة لان السيرة العقلائية قد جرت على الاخذ بظهور الكلام ، وما ينسبق الى الذهن عند التوجه اليه ، والشارع المقدس لم يتخذ طريقا خاصا فى مقام تفهيم معانى كلماته التى كان فى صدد إبدائها للمكلفين غير الطريقة التى جرى عليها العقلاء من الاخذ بالظهور. ولاجل هذه الجهة لم يناقش احد فى اصل حجية الظهور وانما هى من القواعد المسلمة التى لا تقبل التردد والتشكيك ، فالنزاع فى مباحث الالفاظ يقع عن تشخيص الصغرى للكبرى المسلمة ، ويقع البحث عنه فى جهتين ـ الجهة الاولى ـ فى دلالة نفس اللفظ من دون ضميمة شىء له كالبحث عن ظهور الامر فى الوجوب ، وظهور النهى فى الحرمة ، ودلالة القضية الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء ، وظهور الكلام فى الاطلاق ان تمت مقدمات الحكمة. الجهة