ومن هذا القبيل تبدل رأى المجتهد الى رأى آخر لانكشاف خلاف ما استند اليه فى فتواه السابقة.
ولقد ذهب المشهور الى عدم الاجزاء اذا انكشف الخلاف فيها بالعلم الوجدانى وذلك فان الامارات حجة من باب الطريقية ، ولا بد من الالتزام فيها بعدم الاجزاء من جهة انكشاف عدم امتثال ما هو المأمور به واقعا ، واما لو انكشف الخلاف بامارة شرعية ، وحجة معتبرة ، فربما ذهب بعضهم الى الاجزاء ؛ باعتبار ان الاجتهاد الثانى والاستقرار عليه لا يصير المجتهد عالما بالواقع فعلا اذ كما يحتمل مطابقة الثانى للواقع ، يحتمل مطابقة الاول له ، وبما ان الاجتهاد الاول كان فى وقته مستندا الى حجة معتبرة كان صحيحا لا محالة وهو لا ينافى ان تكون الحجة المعتبرة فعلا هى الاجتهاد الثانى.
و (بعبارة اخرى) قيام الامارة الثانية على الخلاف لا يعيّن الواقع الحقيقى بمؤداها ويخطأ الاولى باعتبار عدم مطابقتها للواقع ، بل وظيفتها الزام المكلف بالعمل على طبقها فعلا ، فكما يحتمل خطأ الاولى يحتمل خطأ الثانية وحيث استند العمل السابق فى حينه الى حجة معتبرة حكم عليه بالصحة ، ولازمه ان تكون الاعمال السابقة التى جىء بها على طبق الاجتهاد الاول مجزية بلا حاجة الى اعادة ، او قضاء.
توضيح ذلك : ان الحجة القائمة على الخلاف التى أدّت الى الاجتهاد الثانى لو بنينا على حجيتها من الاول وان لم تكن الحجية محرزة الى زمان الاجتهاد الثانى ، فلازمه عدم الاجزاء ، لان الثابت بالاجتهاد الثانى حجيته حتى فى ظرف الاجتهاد الاول ، وان الحكم الواقعى هو ما ادى اليه هذا الاجتهاد دون ما ادى اليه الاجتهاد الاول ، غاية الامر