انتساب المادة وقد اشرنا ـ سابقا ـ الى عدم دلالتها على الزمان. ويجدر بنا ان نتعرض لذلك تفصيلا فنقول :
ان اعتبار مفهوم الزمان فى الافعال على ان يكون جزء من المعنى باطل جزما ، لان كل فعل مشتمل على مادة ، وهيئة. اما المادة. فتفيد نفس الحدث واما الهيئة : فمفادها مفاد المعنى الحرفى. وهو عبارة عن نسبة المادة الى الذات بنحو من النسبة. والزمان اجنبى عن كليهما.
اما اعتبار الزمان قيدا فى الافعال على ان يكون معنى الفعل الحدث المقيد بالزمان ، بنحو يكون القيد خارجا عن المدلول ، والتقييد به داخلا. فهو امر ممكن فى نفسه ولكنه غير ماخوذ فى الافعال ـ لما نرى من صحة استعمال الافعال. واسنادها الى نفس الزمان. او الى ما فوق الزمان. من دون عناية. وتجريد عن الخصوصية ، فيقال : مضى الزمان ، وعلم الله. ولو كان الزمان ماخوذا فى الفعل لما صح اسناده الى الزمان. اذ الزمان لا يقع فى الزمان ، وإلّا لدار او تسلسل. كما ان افعال ما فوق الزمان لا تقع فى الزمان لعدم تحديدها بحد.
هذا والانصاف اننا نجد الفرق بين الفعل الماضى والمضارع ، اذ لا يصح استعمال احدهما فى موضع الآخر ، وهو كاشف عن وجود خصوصية فى كل منهما.
فالتحقيق ان يقال : ان الفعل الماضى يدل على تحقق المادة مقيدا بكونه قبل زمن التكلم ، وهو لا يكشف عن وقوعها فى الزمن الماضى. فلو قلنا : الزمان وجد او كان فمفاده تحقق الزمان قبل زمن التكلم دون وقوعه فى الماضى.