الرابعة : إذا كان للفظ معنى حقيقي ومجازي وكان المعنيان معلومين بعنوان انّ احدهما حقيقة والاخر مجاز واطلق الشارع أو غيره هذا اللفظ بدون القرينة بحيث لم يعلم من القرينة انّ المتكلّم اي المعنيين اراد ، فالظاهر الاتفاق على انّه يجب حمله على معناه الحقيقي ، وهذا هو مراد القوم من انّ الأصل في الكلام الحقيقة. ومن لم يحصّل المرام واشتبه عليه غرض الاقوام يزلّ قدمه كثيراً ما في هذا المقام.
وامّا الدّليل على انّه يجب حمل اللّفظ في هذه الصورة على المعنى الحقيقي فهو انّه لا شكّ انّ المخاطب لا يفهم من هذا اللفظ بدون القرينة الّا المعنى الحقيقي لانّه المتبادر إلى فهمه وانّه مصطلحه ، ومع ذلك إذا كان غرض المتكلّم المعنى المجازي ، يلزم الاغراء بالجهل والتكليف بما لا يطاق.
ويدلّ عليه ايضاً انّ بناء جميع ارباب المحاورات من ايّ فرقة كانت على ذلك ، كما يظهر من المتتبّع لأقاويلهم وكلماتهم وينكشف من التطلّع على اساطيرهم وعباراتهم.
ويدلّ على انّ الاطلاق في كلام الشارع كذلك ـ مضافاً إلى ما ذكرنا ـ قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(١) ومارود عن بعض الصّادقين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين انّ الله اجلّ من ان
__________________
(١) إبراهيم : ٤.