ويجيء وقت آخر ولايوجد دليل على انتفاءه في هذا الوقت فالحكم ببقاء الحكم على ما كان هو الإستصحاب.
وبعبارة اخرى هو التمسّك بثبوت ما ثبت في وقت أو حال على بقائه فيما بعد ذلك الوقت أو في غير تلك الحال فيقال : الامر الفلاني قد كان وعدمه ليس بمعلوم ، فالأصل بقاؤه مثل ان يقال في مثال المذي : ان التطهّر كان ثابتاً قبل وقوع المذي فكذا بعده عملا بالإستصحاب.
وكلّ واحد من استصحاب حال العقل والشرع ينقسم إلى قسمين :
احدهما ان يعلم بثبوت حكم لمحلّ وعلم ايضاً بثبوت حكم مبطل مخالف للحكم الاوّل لعارض من عوارض ذلك المحلّ ولكن حصل الشكّ في وقوع هذا العارض ، فيقال : الأصل عدمه مثلاً إذا علمنا انّ زيداً متطهّر وعلمنا انّ الرّيح من الموضع المعتاد ناقض للتطهّر ولكن يحصل الشكّ في حصول الرّيح فيقال : الأصل عدمه.
وبعبارة أخرى ان يقال ثبوت الحكم الشّرعي لموضوع معيّن معلوم ولكن حصل الشكّ في وقوع هذا الموضوع وعدمه فيقال : الأصل عدم الوقوع بالإستصحاب والمثال كما ذكر.
ثمّ إن قلنا في المثال : ان التطهّر كان ثابتاً قبل ذلك فالاصل بقاؤه إلى ان يثبت المزيل يكون إستصحاب حال الشرع وان قلنا : انّ قبل ذلك لم يكن الذّمّة مشغولة بالوضوء فكذا الآن إلى ان يثبت الدّليل يكون إستصحاب حال العقل.