بالملاحظة المذكورة لانّه مقتضى ادلّته كما ستعلم.
وإذا علمت ذلك فنقول : في أصل العدم اعتبر العدم المطلق سواء كان تكليفاً أم لا بخلاف أصل البراءة فانّا إذا قلنا في الدم المشكوك فيه بانّه حيض أم لا : الأصل عدم كونه حيضاً ، والأصل عدم صحّة هذا العقد وعدم كون هذا المال من زيد إذا لم يكن في تصرّفه ، يصدق على الاعدام المأخوذة في الامور المذكورة أصل العدم ولايصدق عليها أصل البراءة ، لانّ الامور المذكورة المنفي وجودها بالأصل ليست من التكاليف ، وان امكن ارجاعها إلى أصل البراءة بطريق آخر بان يقال : الأصل عدم وجوب اقباض كلّ من المبيعين أو عدم وجوب الاعطاء ، الّا انّ هذا طريق اخر ، والمراد من الامثلة اعتبار أعدام الامور المذكورة من غير ارجاعها إلى التكاليف.
وإذا قلنا : الأصل عدم التكليف وجوباً كان أو ندباً يصدق عليه أصل البراءة والعدم كليهما لانّ العدم المأخوذ في أصل العدم اعمّ من ان يكون تكليفاً أو غيره. فأصل العدم اعمّ مطلقاً من أصل البراءة.
ثمّ ما ينفي بأصل العدم ان كان تكليفاً فيمكن نفيه من غير ملاحظة الحالة السابقة نظراً إلى ادلّة البراءة وان كان غير التكليف فلا يمكن نفيه الّا بالملاحظة المذكورة ليُثبت بادلّة الإستصحاب ولايمكن اثباته مع قطع النّظر عن ادلّة الإستصحاب كما ستعرف ان شاء الله تعالى في اواخر الفصل الاوّل بل هذا الجزء يرجع إلى استصحاب حال العقل فأصل العدم