«إذا جائكم ما تعلمون فقولوا وإذا جاءكم مالا تعلمون فها ـ ووضع يده على فيه ـ فقلت : ولم ذلك؟ قال : لأنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآله) اتى النّاس بما اكتفوا به على عهده وما يحتاجون إليه من بعده إلى يوم القيامة» (١).
ثمّ قال :
فإن قلت : هذه الرّواية كما يدلّ على حكم ما إذا حصل الضّرر يدلّ على غيره ايضاً.
قلت لانسلّم فانّا ندّعي انّه ليس داخلاً في ما لاتعلمون فإنّ قبح تكليف الغافل معلوم وموضوعيّة ما حجب الله علمه عن العباد معلوم واباحة ما لم يرد فيه نهي معلوم للاخبار المذكورة ، وامّا في صورة الضّرر فكون التكليف حينئذٍ تكليف الغافل غير معلوم إذ الضّار يعلم انّه صار سبباً لاتلاف مال محترم وشغل الذّمة حينئذٍ في الجملة ممّا هو مركوز في الطبائع وكذا الكلام في كونه ممّا حجب الله علمه عن العباد وممّا لم يرد فيه نهي ـ انتهى ـ (٢).
اقول : ما يقتضيه النظر هو انّ التمسّك باصل البراءة لنفي شغل الذمّة انّما يكون فيما لم يتحقّق دليل صالح دالّ على شغلها والّا فلا يجوز التمسّك به لما ذكر وماذكره هذا الفاضل من الصّور المذكورة امّا قام الدّليل فيها على تحقق شغل الذّمة أو لا. فعلى الاوّل لا وجه للحكم بانّه
__________________
(١) المحاسن ٢١٣ ح ٩١
(٢) الوافية ١٩٤