يكون اجراء الأصل مستلزماً لضرر المسلم مثلاً إذا حبس شاة فمات ولدها أو امسك رجلاً فهرب دابّته فهلكت أو فتح قفساً لطائر فطار الطائر ، فحينئذٍ لايمكن على سبيل القطع اجراء الأصل في نفي شغل الذمّة من ولد الشّاة والدّابة والطائر ، ولايصّح فيها التمسّك ببراءة الذمّة ، بل ينبغي للمفتي التوقّف عن الافتاء حينئذٍ ، ولصاحب الواقعة الصّلح ، إذا لم يكن منصوصاً بنصٍّ خاصّ او عامّ ، لاحتمال اندراج مثل هذه الصّورة في قوله (عليهالسلام) : «لاضرر ولا ضرار في الاسلام» (١) وفيما يدلّ على حكم من اتلف مالاً لغيره ، (٢) إذ نفى الضرر غير محمول على نفي حقيقته لانّه غير منفّى بل الظاهر انّ المراد به نفي الضرر من غير جيران بحسب الشرع.
والحاصل فى مثل هذه الصورة لا يحصل العلم بل ولا الظنّ بأنّ الواقعة غير منصوصة ، وقد عرفت انّ شرط التمسّك بالاصل فقد ان النصّ. بل يحصل القطع حينئذٍ بتعلّق حكم شرعيّ بالضّار ولكن لايعلم انّه مجرّد التعزير أو الضّمان أو هما معاً ، فينبغي للضّار ان يحصل العلم ببراءة ذمّته بالصّلح وللمفتي الكفّ عن تعيين حكم لانّ جواز التمسّك باصالة براءة الذّمّة والحال هذه غير معلوم.
وقد روى البرقي في كتاب المحاسن عن ابيه عن [النضر بن سويد عن] درست بن أبي منصور عن محمّد بن حكيم قال : قال أبوالحسن (عليهالسلام) :
__________________
(١) الفقيه ٤ / ٣٣٤ وفيه : لا ضرر ولا ضرار.
(٢) راجع التهذيب ٧ / ٢١٥ ، ح ٩٤٣ (صحيحة ابي ولّاد) ودعائم الإسلام ٢ / ٤٢٤.