الثانية : ان يبيّن انّه لو كان هذا الحكم ثابتاً لدلّت عليه احدى تلك الدّلائل ، لانّه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف بما لاطريق للمكلّف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لايطاق ، ولو كان عليه دلالة غير تلك الادلّة لما كانت ادلّة الشرع منحصرة فيها لكن بينّا انحصار الاحكام في تلك الطرق وعند هذا يتمّ كون ذلك دليلاً على نفي الحكم. انتهى كلامه رفع مقامه (١).
ولايخفى انّ بعد التتبّع الصّادق واستفراغ الوسع لا يحكم بعدم الحكم في نفس الامر والواقع بل يحكم بعدم ثبوت التكليف في حقّنا. وذلك لانّ مذهبنا معاشر الاماميّة انّ جميع الاحكام المتعلّقة بالشريعة موجود عند ائمّتنا (عليهمالسلام) ولا توجد واقعة من الوقائع الّا وحكمها ثابت عندهم (عليهمالسلام) حتى ارش الخدش ولكنّهم صلوات الله عليهم لم يتمكّنوا من اظهار الجميع للتقيّة وغيرها. فحينئذٍ إذا تتبّعنا وتفحصنا ولم نجد ، ليلاً لا يمكن لنا الحكم يقيناً بعدم الحكم في الواقع لاحتمال وجوده عندهم (عليهمالسلام) ولكنّهم (عليهمالسلام) لم يتمكّنوا من اظهاره. نعم يمكن الحكم بعدم ثبوت التكليف في حقّنا لما ذكرنا من الادلّة.
وإذا ظهر على الفقيه بعد التتبّع دليل أو امارة يجب عليه التثبّت والتأمّل.
قال بعض الفضلاء : ويفرّع على هذا ان اجراء أصل البراءة من شغل ذمّة حقوق النّاس مشروط بعدم عروض ما يناسب شغل الذمّة ، مثل ان
__________________
(١) معارج الاصول ص ٢١٢.