ان العبرة في استحقاق العقاب : ملاحظة كل خطاب بالنسبة الى كل مكلف في حد نفسه ، بمعنى أنه يلاحظ الخطاب وحده مع قطع النظر عن اجتماعه مع خطاب آخر ، ويلاحظ كل مكلف وحده مع قطع النظر عن اجتماعه مع مكلف آخر ، فان كان متعلق ذلك الخطاب الملحوظ وحده مقدورا بالنسبة الى ذلك المكلف الملحوظ وحده فعند العصيان يستحق العقاب وإلّا فلا. ومن المعلوم تحقق القدرة في كل من متعلقي الخطابين المترتبين في حد نفسه ، وكذا كل مكلف في الواجب الكفائي فعند ترك كلا المتعلقين يستحق عقابين ، وعند ترك الكل للكفائي يستحق الجميع للعقاب لتحقق شرط الاستحقاق انتهى.
ويرد عليه :
أنه مستلزم لجواز الامر بالضدين مطلقا والعقوبة على تركهما ، كأن يأمره بالسير الى المشرق والمغرب في زمان واحد بلا ترتب بينهما ـ لفرض تعلق القدرة بكل واحد منهما ، لو قطع النظر عن اجتماعه مع الآخر فلا يقبح الخطاب بهما ، ولا العقوبة عليهما.
اللهم إلّا أن يفرق بينهما بأن الامر بالضدين مطلقا محال في نفسه ، أو قبيح على الحكيم ، فلا يعقل صدوره ليبحث في استحقاق العقاب على تركه ، بخلاف الامر الترتبي ، فان الوجدان شاهد على امكان وقوعه ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ والضابط المذكور في كلامه (قدسسره) لاستحقاق العقاب انما هو بعد مفروغية امكان التكليف.
لكن هذا الجواب لا يخلو من شائبة الدور ، اذ محل الكلام والنقض والابرام هو الامكان ، فلو أخذ فيه دار.
إلّا أن يقال : ليس المراد اثبات الامكان ، بل دفع الاشكال عن التعدد بعد الفراغ عن الامكان بحكم الوجدان ، ولا برهان على كون القدرة المأخوذة شرطا