الجمع بين الدليلين ، فان الضرورات تقدر بقدرها ، ولا ضرورة تقتضي الغاء احد الدليلين بالمرة ، فاما يلغى اطلاق احدهما ـ لو احرزت اهمية الآخر ـ او يلغى اطلاق كل منهما ـ لو لم يكن كذلك ـ.
والاول : لقبح تفويت الاهم ، أو ترجيح المرجوح على الراجح.
والثاني : لقبح ترجيح احد المتساويين على الآخر من غير مرجح ، بل استحالته لرجوعه الى الترجح بلا مرجح ، وهو مساوق لوجود المعلول بدون وجود علته على ما قرر في محله.
نعم يمكن ان يقال :
بأن الجمع بين الدليلين يجب ان يكون عرفيا ، بحيث يكون احد الدليلين ـ او كلاهما ـ قرينة عرفية لتفسير الآخر وكشف المراد منه ، فلا يشمل دليل الحجية الظهور الآخر ، ولا يسري التعارض ـ لذلك ـ الى دليل الحجية.
وهذا الشرط مفقود في المقام ، اذ العرف يرى التعارض المستقر بين الدليلين الدالين على وجوب ما كان التعارض بينهما دائميا ـ ولو كان لهما ثالث ـ بحيث يسري التعارض الى دليل الحجية فيكون المرجع في ذلك : هو ترجيح احدهما بالمرجحات المنصوصة او مطلق المرجحات او التخيير على الخلاف المذكور في مسألة التعادل والتراجيح ـ وهذا بخلاف ما كان التعارض فيه اتفاقيا ، اذ الجمع فيه على نحو الوجوب التخييري او الترتبي عرفي ، فتأمل!
ولعل ما اشترطه المحقق النائيني (قده) ناظر الى ذلك ، لكن. ينافيه قوله : (ضرورة انه لا معنى لجعل حكمين لفعلين متضادين دائما) ، إلّا ان يريد به عدم الظهور العرفي في عالم الاثبات ، لا عدم الامكان العقلي في عالم الثبوت ، فتأمل.
هذا كله في صورة عدم التنصيص على التعليق ، واما لو علق وجوب احدهما على عصيان الآخر كما لو أمره باستيجار الدار معلقا الوجوب على عصيان الامر