من أفعال النفس ، مع عدم معقولية الاتحاد في المقام.
مع أنه قد تتعلق الارادة بشيء دون حصول الشوق اليه ، فان المريض قد يريد شرب الدواء ولا يشتاق اليه ، كما ان العكس حاصل أيضا ، فان من منع عن طعام ما ـ لمرض ـ ربما يشتاق اليه ولا يريده ، والمتقي قد يشتهي العلو لكن لا يريده كما قال الله سبحانه (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
وعلى هذا فما يتعلق بالامر المستقبلي غير المرغوب فيه لا يعقل أن يكون هو الشوق بل هو الارادة.
اللهم إلّا أن يقال بتعميم الشوق للرغبة في الشيء الحاصلة بعد الكسر والانكسار عمومها للرغبة الملاءمة للطبيعة الاولية.
ثم ان صاحب الكفاية (قدسسره) استشهد على امكان الانفكاك بقوله :
(ان الارادة تتعلق بأمر متأخر استقبالي ، كما تتعلق بأمر حالي ، ضرورة أن تحمل المشتاق في تحصيل المقدمات ـ فيما اذا كان المقصود بعيد المسافة وكثير المئونة ـ ليس إلّا لاجل تعلق ارادته به ، وكونه مريدا له قاصدا اياه ، لا يكاد يحمله على التحمل الا ذلك).
وهو لا يخلو من تأمل ، اذ المعلول انما يكشف عن انية العلة لا ماهيتها ، فوجود ارادة المقدمات يدل على وجود ما تترشح منه هذه الارادة ، ولا يعينه في ارادة ذيها ، اذ يمكن أن يكون المترشح منه هو الشوق الى ذي المقدمة ، لا الارادة المتعلقة به ، ودعوى أن الشوق لا يمكن أن يستتبع ذلك مصادرة ، اذ للخصم أن يدعي امكان ذلك ... فما ذكره (قدسسره) يشبه الاستدلال بالاعم على الاخص ، كالاستدلال بوجود الطرق على وجود الطارق المعين ..
وعليه فالاولى الاستدلال بما ذكرناه أولا.