ونظير ما نحن فيه
ما ذكروه من أن مصاحب العلة ليس بعلة ، ومصاحب المعلول ليس بمعلول ، اذ لا تكون
العلية والمعلولية الا بملاك يقتضيهما ، والمصاحبة الوجودية لا تستلزم المشاركة
الملاكية.
ومنه ينقدح النظر
في السراية في مرحلة الارادة ومبادئها اذ الارادة تابعة للملاك ، فاختصاصه يستلزم
اختصاصها.
وكذا السراية في
مرحلة الجعل والاعتبار ، وذلك لتبعية الجعل للارادة ، كما لا يخفى.
اللهم إلّا أن
يقال : بكفاية نفس (الملازمة) وعدم الحاجة الى ملاك كامن في ذات الملازم. لكن هذا
القدر يثبت امكان تعلق الارادة ومبادئها بالملازم ، ولا يثبت كلية الملازمة ،
فتدبر.
وقد يقرر النظر في
السراية في مرحلة الجعل بأنه ان اريد بها (الاستتباع القهري) ـ المتحقق بين جعل
الحكم على أحد المتلازمين وجعله على الآخر ـ فهو غير معقول ، اذ لا يكون الاستتباع
الا في الاعمال غير الاختيارية ، أو الاختيارية غير المباشرية ، أما الافعال
الاختيارية المباشرية فانها لا تكون معلولة لافعال مباشرية أخر ، لتبعيتها في
وجودها لمبادئ الاختيار ـ من التصور والتصديق ونحوهما ـ وإلّا لم تكن اختيارية ،
والانشاء فعل اختياري مباشري للجاعل ، فلا يكون انشاء الحرمة على النقيض مستتبعا
لانشاء حكم مماثل على الملازمات.
وان أريد بها (الداعوية
الاختيارية) ففيه : ان العمل الاختياري لا يكون إلّا لغاية يراد تحقيقها به ، فان
وجود الشيء رهين بوجود علله الاربع : المادية والصورية والفاعلية والغائية ، فمن
دون وجود العلة الغائية لا يمكن وجود الشيء ، اذ العلة الغائية علة فاعلية العلة
الفاعلية ، وانشاء الحكم على الشيء ان كان كافيا في التحريك اليه أو الزجر عنه فلا
تبقى حاجة الى الامر بالملازمات أو النهي عنها ، لكونهما