المخبر عنه ، ويكون على مقدار ما تقدم به الخبر ، ومنه قوله : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) [سورة الحجر آية : ٦٠] ، أي : أخبر عن ذلك ، بقوله : (إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) [سورة هود آية : ٨٠] ، ومنه ، قول العجاج :
وأعلم بأن ذا الجلال قد قدر
أي أخبره ، وقيل : قدر وقدر لغتان بمعنى واحد ، وقرئ : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) [سورة المرسلات آية : ٢٣] ، بالتثقيل فجمع بين اللغتين ، [كما] قال الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت
والصحيح أن قدر الشيء بالتشديد وفي تكرير الفعل ، وقيل : التخفيف بمعنى القدرة والملك ، ومعنى قولهم : المقدور كائن ، أن ما أخبر الله بكونه كائن ؛ وليس أن المعنى المخلوق كائن ؛ لأن ذلك لا يشك فيه.
والقدر في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الأمر والحكم ، قال الله : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [سورة الأعلى آية : ٣] ، يعني : أنه أمر في الزاني بالرجم ، وفي القاذف بالجلد ، وفي السارق بالقطع ، وفي القاتل بالقتل ، وهدى بذلك إلى ما فيه نجاة الخلق.
وفي هذا دليل على أن المعصية ليست من قدر الله ، لقوله : (قَدَّرَ فَهَدى) [سورة الأعلى آية : ٣] ، ولم يقل : قدر فأضل وأعمى.
الثاني : الخلق على قدر ، قال تعالى : (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) [سورة المزمل آية : ٢٠] ، أي : يخلق كل واحد منهما بعد الآخر على قدر لا زيادة ولا نقصان.
وقال : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [سورة يس آية : ٣٨] ، أي : ذلك خلقه كذا قيل ، ويجوز أن يكون المعنى أنه قدر سيرها تقديرا لا يتفاوت.