تولى
يقال : ولي الشيء يليه ، إذا قرب منه ، وداري يلي دارك ، وولاية الأعمال ، من ذلك ، وكذلك : الولي ، وهو : المطر الذي يلي الوسمي ، والوسمي أول مطر يجيء ، والولي : الذي يليه ، ومنه : الولي ، خلاف العدد ، لأنه يقرب منك ، ثم قيل : ولى عنه ، وتولى عنه ، إذا أعرض وبعد.
والتولي في القرآن على ستة أوجه :
الأول : الانصراف ، قال : (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) [سورة القصص آية : ٢٤] ، دل على أنه كان في الشمس فانصرف إلى الظل ، ومثله : (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) [سورة النمل آية : ٢٨] ، أي : انصرف ، ومثله : (تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) [سورة التوبة آية : ٩٢].
والثاني : بمعنى الامتناع ، قال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) [سورة المائدة آية : ٤٩] ، معناه : فإن امتنعوا من الإيمان بك والرضا بحكمك ، وقوله : (أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) [سورة المائدة آية : ٤٩] ، أي : لما امتنعوا من ذلك أراد الله عقوبتهم ، فعجل بعضها لهم في الدنيا ، والإصابة بالذنب : الإصابة بعقوبة الذنب ، كما قال : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [سورة هود آية : ٨] ، أي : حاق بهم جزاؤه ، وقوله : (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا) [سورة النساء آية : ٨٩] ، أي : فإن امتنعوا من الإيمان والهجرة ، وكان هؤلاء قوم من المنافقين زعموا أنهم احتووا المدينة واستأذنوا النبي صلىاللهعليهوآله في الخروج منها إلى البدو ، فأذن لهم ، فخرجوا ولحقوا بالمشركين ، فأمر الله أن يؤخذوا ويقتلوا حيث وجدوا ، لأنهم كفار ، إلا أن يرجعوا إلى المدينة.
والثالث : الإعراض ، قال الله : (وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [سورة النساء آية : ٨٠] ، وقال : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) [سورة يونس آية : ٧٢] ، وقال : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) [سورة الذاريات آية : ٥٤] ، كل هذا بمعنى الإعراض على ما قالوا وهو الأصل ، ويكون الإتيان الأوليان من هذا الوجه بمعنى الامتناع.