الباب الرابع والعشرون
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله ميم
ما ومن
قال أهل العربية ما ومن أصلهما واحد ؛ جعلت من لمن يعقل ، وما لغير من يعقل ، وتجيء ما بمعنى لا ، وبمعنى ليس ، وبمعنى الاستفهام ، وبمعنى من ، وبمعنى الذي.
وهي في القرآن على هذه الوجوه كلها ؛ لمجيئها بمعنى لا ، قوله : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) [سورة فصلت آية : ٤٣] ، قيل هي : بمعنى لا ، ويجوز أن تكون بمعنى لم ، أي : لم يقل لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، وكذلك : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) [سورة المائدة آية : ١١٧] ، هي هاهنا بمعنى لم لا غير.
ومجيئها بمعنى ليس ، قوله : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) [سورة الأعراف آية : ٥٩] ، أي : ليس لكم ذلك.
ومجيئها في لفظ الاستفهام وهو تقريع ، قوله تعالى : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [سورة الانفطار آية : ٦].
وتجيء بمعنى التوكيد ، في قوله : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [سورة آل عمران آية : ١٥٩] ، أي : فبرحمة عظيمة ، لأن دخولها في هذا الموضع وأمثاله لابد أن تكون بمعنى ، وليس هاهنا معنى سوى التوكيد ، وتدخل بمعنى من ، وهو قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [سورة الشمس آية : ٥] ، أي : ومن بناها ، والعرب تقول : سبحان ما سبح الرعد بحمده ، وقيل : المراد السماء وبنائها ، وكذلك : (الْأَرْضِ وَما طَحاها) [سورة الشمس آية : ٦] ، أي : وطحوها.