الباب الثامن
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله دال
الدين
أصله في العربية اللزوم ، ويتصرف في العربية على خمسة أوجه : الملة ، والعادة ، والحساب ، والطاعة ، والجزاء. وكل ذلك مما يلزم الإنسان أو يلزمه الإنسان ، ومن ثم أيضا قيل : الدين للزومه الدائن لا يسقط عنه إلا بالأداء.
وهو في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : التوحيد ، قال : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [سورة غافر آية : ١٤] ، وقال : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ)(١) [سورة الزمر آية : ٣] ، يعني : التوحيد كذا قيل ، ويجوز أن يكون أراد جملة ما عليه المؤمن من دينه.
الثاني : الحساب ، قال الله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [سورة الفاتحة آية : ٤] ، أي : يوم الحساب ، وقيل من دان نفسه ربح : أي : من حاسبها ، وقيل : الدين هنا الجزاء ومثله : (هذا يَوْمُ الدِّينِ) [سورة الصافات آية : ٢٠] ، ومثله : (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) [سورة المطففين آية : ١١] ، والتكذيب به جحده.
الثالث : الحكم ، قال الله : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [سورة النور آية : ٢] ، أي : في حكمه ، وفيه دليل على أن الزاني والزانية ليسا بمؤمنين لإخراجه إياهما من
__________________
(١) قال الشوكاني : جملة (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) مستأنفة مقرّرة لما قبلها من الأمر بالإخلاص ، أي : إن الدين الخالص من شوائب الشرك ، وغيره هو لله ، وما سواه من الأديان ، فليس بدين الله الخالص الذي أمر به. قال قتادة : الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) لما أمر سبحانه بعبادته على وجه الإخلاص ، وأن الدين الخالص له لا لغيره بيّن بطلان الشرك الذي هو مخالف للإخلاص [فتح القدير : ٦ / ٢٦٧]