العلم (١)
هو اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثقة ، وأصله الظهور ، ومنه قيل للجبل : علم لظهوره ، وأعلام الشيء دلائله ؛ لأنها تدل بظهورها عليه ، والمعلم : الموضع المعروف.
وهو في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : على قول بعض المفسرين الرؤية ؛ قال الله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ) [سورة محمد آية : ٣١] ، ومثله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) [سورة آل عمران آية : ١٤٢].
جاء في التفسير أنه أراد الرؤية ؛ أي : حتى نراهم مجاهدين ؛ لأنه تعالى كان يعلم المجاهدين قبل الجهاد ، وقيل : معنى العلم هنا التمييز ، وسمى التميز علما ؛ لأن العلم يقع معه بحال ما يتميز وما يتميز منه ، وقيل : معناه ليصر المؤمنون على ما يصابون به ؛ فجعل العلم منه مكان الصبر منهم إذ كان الله عالما بصبرهم إذا صبروا ، وقيل : يعلمهم فاعلين كما يعلمهم معتقدين.
الثاني : العلم بعينه ؛ قال : (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) [سورة البقرة آية : ٧٧ ، هود : ٥ ، النحل : ٢٣] ، وقال : (يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ) [سورة الأنبياء آية : ١١٠].
__________________
(١) (ع ل م) : العلم اليقين يقال علم يعلم إذا تيقّن وجاء بمعنى المعرفة أيضا كما جاءت بمعناه ضمّن كلّ واحد معنى الآخر لاشتراكهما في كون كلّ واحد مسبوقا بالجهل لأنّ العلم وإن حصل عن كسب فذلك الكسب مسبوق بالجهل.
وفي التّنزيل (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) أي علموا وقال تعالى ((لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ)) أي لا تعرفونهم الله يعرفهم وقال زهير وأعلم علم اليوم والأمس قبله ولكنّني عن علم ما في غد عمي أي وأعرف وأطلقت المعرفة على الله تعالى لأنّها أحد العلمين والفرق بينهما اصطلاحيّ لاختلاف تعلّقهما وهو سبحانه وتعالى منزّه عن سابقة الجهل وعن الاكتساب لأنّه تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف يكون وعلمه صفة قديمة بقدمه قائمة بذاته فيستحيل عليه الجهل وإذا كان علم بمعنى اليقين تعدّى إلى مفعولين وإذا كان بمعنى عرف تعدّى إلى مفعول واحد وقد يضمّن معنى شعر فتدخل الباء فيقال علمته وعلمت به وأعلمته الخبر وأعلمته به وعلّمته الفاتحة والصّنعة وغير ذلك تعليما فتعلّم ذلك تعلّما. [المصباح المنير : العين مع اللام].