الصوم (١)
أصله الإمساك ، ومصام الشيء مكانه ، قال امرؤ القيس :
كأنّ الثّريا علّقت في مصامها |
|
بأمر أسر كتّان الصّائم جندل |
والخيل الصائمة : الممسكة عن الحملة ، وقد صام النهار عبد قائم الظهيرة ؛ كأن الشمس تسكن عند ذلك فلا تسير.
والصوم في القرآن على وجهين :
الأول : الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح مع النية ، وهو قوله : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٨٤] وفي هذه الآية دليل على أن هذه الآية منسوخة لأنه لا يجوز أن تقول في هذا الوقت أن الصيام في شهر رمضان خير من الإفطار فيه.
الثاني : الصمت ؛ قال الله : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) [سورة مريم آية : ٢٦] أي : صمتا ، ويسمى الصمت صوما لأنه إمساك عن الكلام ، ومن قال : أن الصوم ليس بمعنى ؛
__________________
(١) (ص وم): (الصّوم) في اللّغة ترك الإنسان الأكل وإمساكه عنه ثمّ جعل عبارة عن هذه العبادة المخصوصة يقال صام صوما وصياما فهو صائم وهم صوّم وصيّم وصيام وفي حديث عمر رضي الله عنه إنّا نصنع شرابا في صومنا أي في زمن صومنا ومن مجازه صام الفرس على آريّه إذا يكن يعتلف (ومنه) قول النّابغة خيل صيام وخيل غير صائمة وقول الآخر والبكرات شرّهنّ الصّائمة يعني : الّتي سكنت فلا تدور وهي جمع بكرة البئر (وصام) سكت (وماء) (صائم) وقائم ودائم ساكن وصام النّهار إذا قام قائم الظّهيرة [المغرب : الصاد مع الواو].
والصاد والواو والميم أصل يدلّ على إمساك وركود في مكان. من ذلك صوم الصّائم ، هو إمساكه عن مطعمه ومشربه وسائر ما منعه. ويكون الإمساك عن الكلام صوما ، قالوا في قوله تعالى : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً)[مريم ٢٦] ، إنّه الإمساك عن الكلام والصّمت. وأمّا الرّكود فيقال للقائم صائم ، قال النابغة :
خيل صيام وخيل غير صائمة |
|
تحت العجاج وخيل تعلك اللّجما |
والصّوم : ركود الرّيح. والصّوم : استواء الشّمس انتصاف النّهار ، كأنّها ركدت عند تدويمها ، وكذا يقال صام النّهار.
قال امرؤ القيس :
* إذا صام النّهار وهجّرا*
ومصام الفرس : موقفه ، وكذلك مصامته. قال الشّماخ :
* إذا ما استاف منها مصامة*