الباب العاشر
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله راء
الرحمة (١)
أصلها من الرقة ، وقيل : ذوا الأرحام ، لأن بعضهم يرق لبعض ، والرحم في الأصل رحم المرأة ثم صارت ذو القربى أرحاما.
والرحيم (٢) في أسماء الله تعالى بمعنى المنعم المقيل للعترة القابل للتوبة وليس معناه الرقة ، كما أن أصل العفو الترك ، والترك لا يجوز على الله ، يقال : عفا المنزل إذا ترك حتى درس ودلالة التعظيم أيضا يوجب انتفاء الرقة عن الله ، ومع أن نعمة في الاتساع تقع موقع ما يبعث عليه الرقة ، والرحمن أبلغ من الرحيم.
وليس لأحد من المخلوقين فيه شركة والرحمة الإنعام على المحتاج إلى ذلك ، ألا ترى أن الإنسان إذا أهدى إلى ملك شيئا ، لم يقل : أنه رحمه ، ويقال : أنه أنعم عليه.
والرحمة في القرآن على ثمانية أوجه :
__________________
(١) (ر ح م) : رحمنا الله وأنا لنا رحمته الّتي وسعت كلّ شيء ورحمت زيدا رحما بضمّ الرّاء ورحمة ومرحمة إذا رققت له وحننت والفاعل راحم وفي المبالغة رحيم وجمعه رحماء.
وفي الحديث «إنما يرحم الله من عباده الرحماء» يروى بالنّصب على أنّه مفعول يرحم وبالرّفع على أنّه خبر إنّ وما بمعنى الّذين. [المصباح المنير : الراء والحاء]
(٢) أخبرنا الإمام أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، أنا عبد الخالق بن الحسن السقطي ، ثنا عبد الله بن ثابت بن يعقوب ، قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل بن حبيب ، عن مقاتل بن سليمان ، عمن يروي تفسيره عنه من التابعين قال : الرحمن ، الرحيم اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر الرحمن يعني المترحم ، الرحيم يعني المتعطف بالرحمة على خلقه قال أبو سليمان : وهذا مشكل ، لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله سبحانه ، ومعنى الرقيق هاهنا اللطيف ، يقال : أحدهما ألطف من الآخر ، ومعنى اللطف في هذا الغموض دون الصغر الذي هو نعت الأجسام ، وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر يحكي عن الحسين بن الفضل البجلي أنه قال : هذا وهم من الراوي ، لأن الرقة ليست من صفات الله عزوجل في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله تعالى ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف». [الأسماء والصفات للبيهقي : ١ / ٩٣]