المستقر (١)
أصل الاستقرار السكون ، ومنه قيل : لبطن الوادي قرار ، لأن الشيء إذا صار إليه سكن ، والقرة البرد ، لأن الناس يسكنون معه ، ويقال للشيء : يوضع في موضعه صابت بقر ؛ لأنه إذا وضع في موضعه لزمه ، ولم يزايله فشبه بالساكن ، ويقال : للهودج قد لثباته على ظهر البعير ؛ كأنه سكن قوته ، وأما قولهم : قر عليه دلوا من ماء ، فليس من هذا وإنما حكوا صوت الماء عند انصبابه ، وأما قرت عينه ، فهو راجع إلي البرد ، وهو خلاف سخنت.
والمستقر في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : قوله : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) [سورة الأنعام آية : ٩٨] ، قالوا : المستقر أرحام النساء ، والمستودع أصلاب الرجال ، والمرتفع على معنى قبلكم مستقر ومستودع وقرئ فمستقر بكسر القاف ، ومستودع بفتح الدال لا غير ، أي : فمنكم مستقر في الرحم ومنكم مستودع في الصلب.
وقيل : مستقر في الدنيا ، ومستودع في الأصلاب وقيل : مستقر في الأحياء ، ومستودع في الثرى.
الثاني : قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) [سورة هود آية : ٦] ، أي : حيث مستقر بالليل ومستودعها حيث يموت ، هكذا قيل.
وقيل : مستودعها كالولد في البطن والنطفة في الظهر ، وقال : (كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [سورة هود آية : ٦] ، أي : كتب ذلك مع أنه عالم به لما للملائكة فيه من العبر.
الثالث : المنتهى ، قال الله : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) [سورة الأنعام آية : ٦٧] ، أي : منتهى ، وقيل : أن لأخذنا إياكم بالإيمان جريا وقسرا ، مستقر أي : وقت ، وسوف تعلمون
__________________
(١) (ق ر ر) : قرّ الشّيء قرّا من باب ضرب استقرّ بالمكان والاسم القرار ومنه قيل لليوم الأوّل من أيّام التّشريق يوم القرّ لأنّ النّاس يقرّون في منى للنّحر والاستقرار التّمكّن وقرار الأرض المستقرّ الثّابت وقاع قرقر أي مستو. [المصباح المنير : القاف مع الراء].