التسبيح (١)
أصله : التنزيه من السوء على جهة التعظيم.
ولا يجوز أن يسبح غير الله ؛ لأنه صار علما في الدين على أعلى مراتب التعظيم ، وذلك لا يستحقه إلا الله الذي لا يعجزه شيء.
__________________
(١) السين والباء والحاء أصلان : أحدهما جنس من العبادة ، والآخر جنس من السّعي.
فالأوّل السّبحة ، وهي الصّلاة ، ويختصّ بذلك ما كان نفلا غير فرض.
يقول الفقهاء : يجمع المسافر بين الصّلاتين ولا يسبّح بينهما ، أي لا يتنفّل بينهما بصلاة.
ومن الباب التّسبيح ، وهو تنزيه الله جلّ ثناؤه من كلّ سوء.
والتّنزيه : التبعيد. والعرب تقول : سبحان من كذا ، أي ما أبعده.
قال الأعشى :
أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر |
وقال قوم : تأويله عجبا له إذا يفخر. وهذا قريب من ذاك لأنّه تبعيد له من الفخر. وفي صفات الله جلّ وعز : سبّوح.
واشتقاقه من الذي ذكرناه أنّه تنزّه من كل شيء لا ينبغي له. والسّبحات الذي جاء في الحديث : " جلال الله جلّ ثناؤه وعظمته".
والأصل الآخر السّبح والسّباحة : العوم في الماء. والسّابح من الخيل : الحسن مدّ اليدين في الجري. قال :
فولّيت عنه يرتمي بك سابح |
|
وقد قابلت أذنيه منك الأخادع |
يقول : إنّك كنت تلتفت تخاف الطّعن ، فصار أخدعك بحذاء أذن فرسك.
والتّسبيح التّقديس والتّنزيه يقال سبّحت الله أي نزّهته عمّا يقول الجاحدون ويكون بمعنى الذّكر والصّلاة.
يقال فلان يسبّح الله أي يذكره بأسمائه نحو سبحان الله وهو يسبّح أي يصلّي السّبحة فريضة كانت أو نافلة ويسبّح على راحلته أي يصلّي النّافلة وسبحة الضّحى.
ومنه (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) أي من المصلّين وسمّيت الصّلاة ذكرا لاشتمالها عليه.
ومنه (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) أي اذكروا الله.
ويكون بمعنى التّحميد نحو (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) وسبحان ربّي العظيم أي الحمد لله.
ويكون بمعنى التّعجّب والتّعظيم لما اشتمل الكلام عليه نحو (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) إذ فيه معنى التّعجّب من الفعل الّذي خصّ عبده به ومعنى التّعظيم بكمال قدرته.
وقيل في قوله تعالى (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) أي لو لا تستثنون قيل كان استثناؤهم سبحان الله.
وقيل إن شاء الله لأنّه ذكر الله تعالى. ينظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، والمصباح المنير (س ب ح).