الشقاق
أصل الشقاق من قولهم : شققت الشيء إذا قطعته بنصفين فبعد أحدهما عن الآخر ، وكل قطعة منه شقة ، وسمي الثوب الطويل القليل العرض شقة كأنه من قلة عرضه قد شق من غيره ، وشقيق الرجل أخوه ؛ كأنه شق منه ، وسميت الأرض البعيدة شقة لطولها وتراخي بعضها عن بعض ، ومن ثم قيل للطويل أشق ، وشق الأمر على فلان طال حتى أتعبه ، وشاق فلان فلانا إذا عاداه وباعده ، والأصل في ذلك كله البعد.
والشقاق في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الضلال ، قال الله : (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) [سورة البقرة آية : ١٧٦] ، ويجوز أن يكون أراد المجانبة والمباعدة ، أي : هم في بعد عن الحق وعن صاحب الحق شديد.
الثاني : الخلاف ، قال : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما) [سورة النساء آية : ٣٥] ، جاء في التفسير أنه أراد الخلاف ، ويجوز أن يكون بمعنى الفرقة ، وهو أجود.
الثالث : العداوة ، قال : (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) [سورة محمد آية : ٣٢] ، أي : عادوه ، قال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [سورة الحشر آية : ٤] ، وقال : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) [سورة هود آية : ٨٩] ، وهذه الألفاظ يقام بعضها مقام بعض في هذه الآيات ، وأصلها واحد ، وإنما أوردتها على ما جاء في التفسير (١).
__________________
(١) قال الزجاج : «شاقوا» جانبوا ، وصاروا في شق غير شق المؤمنين ، والشق الجانب (شَاقُّوا اللهَ) مجاز ، والمعنى : شاقوا أولياء الله ، ودين الله.
ثم قال : (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) يعني أن هذا الذي نزل بهم في ذلك اليوم شيء قليل مما أعده الله لهم من العقاب في القيامة ، والمقصود منه الزجر عن الكفر والتهديد عليه. [مفاتيح الغيب : ٧ / ٣٧٦]