الباء
هي لإلصاق الشيء بالشيء وخلطه به ، فإذا قلت : مررت بزيد ، فقد أضفت المرور إلى زيد ، وألصقته به. وجائز أن يكون معه استعانة كقوله : كتب بالقلم.
وتزاد في خبر المنفي توكيدا وتثبيتا ، كقولك : ليس زيد بقائم. وجاءت زيادة في قولك : حسبك بزيد. هذا قول الفراء ومن يقول بقوله.
وعندنا أنها دخلت على معنى قولك : اكتف بزيد ، لأن معنى قولك : حسبك هذا ، أي : اكتف به ، وأحسبني الشيء : كفاني. وسنتكلم في ذلك.
قالوا : وهو في القرآن على الوجهين :
الإلصاق ، والزيادة في قول الفراء.
وعلى تقدير الإلصاق كقوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [سورة الفلق آية : ١] ، كأنك ألصقت الاستعانة به ، وقوله : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [سورة البقرة آية : ٤] ، كأن إيقافهم التصق بالآخرة. ومثله كثير.
وأما الزيادة على قول من يقول بذلك ، فقوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [سورة النساء آية : ٧٩] ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) [سورة الحج آية : ٢٥] ، قال : المعنى : ومن يرد فيه إلحادا ، وقوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [سورة المؤمنون آية : ٢٠] معناه : تنبت الدهن.
والصحيح أن ذلك لمعان ، وليس بزيادة. فأما قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) فمعناه : اكتف بالله شهيدا ، وكذلك : حسبك بزيد ، أي : اكتف بزيد ؛ لأن حسبك بمعنى يكفيك فالباء تدخل في هذا على التقدير. وقوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ) فإنما تحمل هذا على مصدره ، والمراد : من كانت إرادته واقعة بالإلحاد ، فدخلت الباء للمصدر. وكذلك : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) معناه : تنبت نبتها بالدهن ، وقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) [سورة الزمر آية : ١٢] أي : وقع الأمر لأن أكون.