قال بعضهم : من مكن من رعاية سرّه وافتقاد أوقاته لن يعدم الزوائد من الله ودوام الفوائد ، ومن ضيّع أوقاته وأهمل ساعاته فهو متردد في ميادين الغفلة وساع في مسالك الهلكة.
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠))
قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) : يخلق ما يشاء في قلوب العارفين والمحبين والموحدين من أطيار الإفهام والمعارف بخواطر الحق والإنعام ، ويختار بها بمشيئة الأزل أهل محبته ومعرفته ومشاهدته وقربه ووصاله ، ونفى عن هذه المواهب السنية علة الاكتساب بقوله : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ.)
قال الجنيد : كيف يكون للعبد اختيار والله المختار له بقوله : (وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ.)
إذا نظروا إلى الأحكام الجارية بجميل نظر الله لهم فيها وحسن اختياره فيما أجراه عليهم لم يكن عندهم شيء أفضل من الرضا والسكون.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١))
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ) : إذا أدام ليالي الهجران بظلمة النفس والشيطان والفترة والعصيان من يأتي بنهار الوصال وضياء الجمال إلا الله سبحانه ، وإذا أدام نهار الوصلة واستقام شمس المشاهدة في وسط فلك العناية على قلب العارف الصادق من يأتي بليل الفقدان وظلمة الغفلة والنسيان.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤))
قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ