إلى أن يصلوا إلى مأمولهم ومرادهم (١).
قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) : العارف يرى جزاء عمله من الخيرات ، ولا يكون مقيّدا بها ؛ إذ هو مشغول بالحق عن غيره ، ويرى ما فعله من الحركات المذمومة ؛ ليعرف فضل الله عليه بأنه تعالى لا يجازيه بها.
قال جعفر : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) : في الدنيا إذا كان مؤمنا ، (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) : في الدنيا إذا كان مشركا.
قال الواسطي : إذا كان من أهل الإسلام ، إن الأعراض لا ترى ، ولا تبقى وتبين ، وكيف يجوز أن يرى؟
قيل : القرآن صفة الله ، وأن الصفة لا تبين من الموصوف ، وهو يرى في الأرض مكتوبا ، كذلك الأعمال.
سورة العاديات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١))
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) : أقسم الحقّ سبحانه بأفراس قلوب المحبّين إذا صحبت بأصوات الوصلة من تراكم مواجيد المشاهدة في ميادين الوحدة ، حين عاينت مشاهدة السرمدية ، وهي الموريات أنوار المعارف من قداح الكواشف ، ثم أقسم لواردات كشوف صفاته حين أغارت أرواح العاشقين عند طلوع صباح مشاهدته.
__________________
(١) قال ابن عجيبة : متفرقين ، جمع شتّ ، نزلت في بني ليث بن عمرو ، كانوا يتحرّجون أن يأكل الرجل وحده ، فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل ، فإذا لم يجد من يؤاكله من الضيفان أكل أكل ضرورة. وقيل : في قوم من الأنصار كانوا إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم ، فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا. وقيل : في قوم تحرجوا من الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل ، وزيادة بعضهم على بعض ، فخيّرهم. وقيل : كان الغنى منهم إذا دخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته ، ودعاه إلى الطعام ، فيقول : إني أتحرج أن آكل معك ، وأنا غني وأنت فقير ، فأباح لهم ذلك.