قال ابن عطاء : الذي يسّر عليك القرآن قادر أن يردّك إلى وطنك الذي منه ظهرت ، حتى تشاهده بسرك على دوام أوقاتك.
قال الحسين : إن الذي فرقك برسم الإبلاغ إلى الخلق سيردّك إلى معنى الجمع بالفناء عن ملاحظاتهم والترسم معهم على حد الإبلاغ رسومهم ، ويخصصك بالمقام الأخص والبيان الأخلص.
وقال ابن عطاء : الذي حفظك في أوقات المخاطبة لرادّك إلى وطنك من المشاهدة.
قال الواسطي : إلى حيث شاهد روحك وإلى الكرم الذي أظهرك منه.
قال الأستاذ : إن الذي أقامك شواهد العبودية فيما أثبتك لرادّك إلى الفناء عنك بمحوك في وجود الحقيقة.
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
قوله تعالى : (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ) : اطّلع الحق على قلب حبيبه عليهالسلام ورأى بحار عشقه ومحبته وشوقه ومعرفته وأنسه وتوحيده وتفريده تكاد تموج بأمواج الاتحاد والفردانية في الأنانية ، فأشهده على نفسه لا يتحرك من مقام الاتحاد ، فإن ذلك مكمن عين الجمع ، ولا ينبغي أن يكون محجوبا عنه به بقوله : (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ؛ فإن اتحادك وأنانيتك صدرت من كشوف جلاليّ وجماليّ ، ولا يبقى أثرها عند بروز سطوات عظمة قدمي ، ألا ترى كيف قال : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) نفى عن ساحة كبريائه أنانية كل عارف سكران ، وأفنى مدارج التوحيد والمعارف في سبحات ذاته بذاته بقوله (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، فإذا تبين الحقيقة للخليقة تفنى الخليقة في الحقيقة ، ولا تبقى أنانية العارف في ألوهية المعروف ، وتعالى الله عن الأضداد والأنداد.
قال الواسطي : إذا تحقق ذلك عنده أخذ العبد من العبد لقيام الحق به.
قال ابن عطاء : في كشف الذات هلكة ومحرقة ، قال الله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ.)
* * *
سورة العنكبوت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ