سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥))
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِ) بيّن أن مراد الحق سابق على كل مراد لا تتغير سوابق مقاديره ، فإذا جاء ما قد يظهر حقيقة القضية الأزلية.
قال الواسطي : من ذكر القسمة ، وما جرى له في السبق ينقطع عن السؤال والدعاء ، ويعلم أن المقضي كان من الحق وبالحق.
قوله تعالى : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) آياته أنبياؤه وأولياؤه ، وهم أعظم الآيات ، إذ يتجلى الحق من وجوههم بنعت العزة والكبرياء للعالمين ، وأي منكر أعظم ممن ينكر على هذه الآيات الساطعة ، والبراهين الواضحة.
قال سهل : أظهر آياته في أوليائه ، وجعل السعيد من عباده من صدقهم في كراماتهم ، وأعمى أعين الأشقياء عن ذلك ، وصرف قلوبهم عنهم ، ومن أنكر كرامات الأولياء ؛ فإنه ينكر قدرة الله ، فإن القدرة تظهر على الأولياء بالآيات لا هم بأنفسهم يظهرونها ، والله يقول : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (٨١).
قوله تعالى : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) بيّن الله سبحانه أنه لا ينفع إيمان المنكرين أولياءه وأنبياءه عند معاينة جزاء إنكارهم ؛ فإنه بجلاله وعزته منتقم لأوليائه من أعدائه.
قال سهل : السنة مشتقة من أسماء الله : السين سناء الله ، والنون نور الله ، والهاء هداية الله ، بقوله : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) أي : فطرة الله التي جبل عليها خواص عباده هداية منه لهم ؛ فهم على سنن الطريق الواضح إليه.
سورة فصلت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣))
(حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : معنى الحاء والميم أن هذا الخطاب وهذا التنزيل من الحبيب الأعظم إلى المحبوب الأعظم ، وأيضا هو قسم أي : بحياتي ومجدي هذا التنزيل نزل من عين الرحمانية الرحيمية الأزلية الأبدية ، نزل برحمتي على عبادي ومحبتي لهم ، وأيضا بحياتك ومشاهدتك يا حبيبي ويا محبوبي هذا تنزيل أنزلت إليك بالرحمة