من السعادة والشقاوة ، وما كتب له وعليه من أجله ورزقه.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) (١٦) : أقسم الله سبحانه بما بقي من عكس أنوار شمس جماله على قلوب المحبين والعارفين دليل الاستتار بعد غيبوبة شمس تجلّيه ، وما يضمه من هموم متفرقة في مقام القبض ، وقبر مشاهدته إذا استوى في سماء القلوب حين طلع من الغيوب ، فلا يبقى فيها آثار ظلمة الطبيعة ، والنفس الأمّارة إن حبيبه وجميع أحبائه يركبون على مطيّات أنوار قربه ، ويسيرون فيها إلى ميادين أزلياته وأبدياته ، ففي كل نفس لهم منزل وحال وكشف ومشاهدة ووجد ووصال إلى الأبد ، وذلك قوله : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) (١).
سورة البروج
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢))
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (١) : السماء ذات البروج سماء قلوب العارفين ذات الأبراج من العلوم والحكم والحقائق ، تسري فيها الأرواح والعقول ؛ لوجدان أنوار وجود الحق ؛ ولتربية عجائب الخلق والخلق.
(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) (٢) : يوم اللقاء والكشف.
(وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (٣) : الشاهد هو ، والمشهود هو ، يرى نفسه ؛ إذ لا يراه أحد
__________________
(١) قال التستري في تفسيره (٢ / ٢٥٤) : باطنها لترفعن درجة فوق درجة في الجنة ، ولتحولن من حال إلى حال أشرف منها وأسر ، كما كنتم في الدنيا ترفعون من درجة إلى درجة أعلى منها ، من طمع وخوف وشوق ومحبة.