والقربة ، والمشاهدة ، والمجالسة ، والمخاطبة مع الحق بلا ذل الحجاب ، ولا وحشة العتاب.
قال الأستاذ : «الرزق الحسن» : ما كان قدر الكفاية ، لا نقصان فيه يتعطل عن أموره بسببه ، ولا زيادة تشغله عن الاستمتاع بما رزق لحرصه.
قوله تعالى : (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : لو كانت للأشباح قيمة في المعرفة كالأرواح في الخطاب بلا علة في تعريف نفسه إياها بقوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) هناك خطاب وشهود وتعريف بغير علة ، فلما علم عجزها عن حمل وارد الخطاب الصرف أحالها إلى الشواهد بقوله : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ) ، وليس بعارف في الحقيقة من عرّفه بشيء من الأشياء ، أو باسم من الأسماء ، فمن نظر إلى خلق الكون يعرف أنه ذو قدرة واسعة ، وذو إحاطة شاملة ، فيخاف من قهره بعلمه في رؤية اطّلاع الحق عليه.
سورة التحريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) : أدّب نبيّه صلىاللهعليهوسلم ألا يستبدّ برأيه ، ويتّبع ما يوحى إليه ، وفيه بيان أن من شغله شيء من دون الله وصل إليه منه ضرب لا تبرأ جراحه إلا بالله ؛ لذلك قال عقيب الآية : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
قال ابن عطاء : لما نزلت هذه الآية على النبي صلىاللهعليهوسلم كان يدعو دائما ويقول : «اللهمّ إني أعوذ بك من كلّ قاطع يقطعني عنك» (١).
__________________
(١) تقدم.