القدر ، يشهد بما جرى على العبد.
قال ابن عطاء : حكم الأزل ينطق عليهم بتصحيح ما في كتبهم وتحقيقها.
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧))
قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : حقيقة الحمد لله لا لغيره ، وهو مستحقّ الحمد ؛ إذ النعم بالحقيقة ، وهو المنعم لا غيره ، (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، ففي الحق الكبرياء عن الحدثان ؛ لأنه هو المستحق للكبرياء ، وكبرياؤه ظاهر في كل ذرة من العرش إلى الثرى ؛ إذ هي كلها مستغرقة مقهورة في أنوار كبريائه ، يعزّ بعزّة الأولياء ، ويقهره بقهر الأعداء ، حكيم في إبداع الخلق وإلزامهم عبوديته التي هي شرائعه المحكمة بحكمه.
قال سهل في قوله : (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ) : العلو والقدرة والعظمة والحول والقوة ، له في جميع الملك ، فمن اعتصم به أيّده بحوله وقوته ، ومن اعتمد على نفسه وكّله الله إليها.
سورة الأحقاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢))
(حم) : إشارة الحاء والميم إلى حمايته أسرار الواصلين عن حركات الضمائر ؛ لأنها حمائم أبراج الملكوت والجبروت ، حمد نفسه بما أولاهم لهم ، ومنّ عليهم حتى ارتفع حمده عن الحدثان ؛ إذ حمده لا يستطيعه أحد من خلقه أي : بحمدي على نفسي وحمايتي قلوب العارفين هذا تنزيل مني ، وأنا العزيز الغالب بقهري على سلب أرواح العاشقين بجمالي وجلالي ، وأنا الحكيم في اصطفائيتك من اصطفائيته كل نبيّ ورسول ووليّ وملك مقرّب ، يا حبيبي ويا محبي حكمت في نفسي أن أوصلكم إلى وصالي ، وأسقيكم من بحار حياتي شرابات أنوار القيومية الباقية الأزلية الأبدية.
قال الأستاذ في قوله (حم) : حميت قلوب أهل عنايتي ، فصرفت عنها خواطر التجويز ، وأثبتها في شاهد اليقين بنور التحقيق ، فلاحت فيها شواهد برهانهم ، وأضفنا إليها لطائف إحساننا ، فكمل مناها من عين الوصلة ، وغذيناها بنسيم الأنس في ساحات القربة.
(ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا