سورة الفلق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) : في هذه الكلمة سرائر حبيبه بالاستعاذة به ، ثمّ ذكر وصف تربيته بقوله : (بِرَبِ) ، ثم ذكر وصفه وصفته وفعله بقوله : (الْفَلَقِ) ، و «الفلق» : انفلاق صحور العارفين بمياه المحبّة والمعرفة من تأثير انكشافات سبحات الغيرة عن جمال المشاهدة ، وطلوع صباح الوصلة من مشارق الأحدية ، أمره بالاستعاذة به منه حتى لا يكون بين الوصل والفصل محجوبا عن عين العين ، وإدراك حقيقة الحقيقة بعوارض البشرية ، وهو قوله : (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) أي : شر ظلمات قهره إذا غطّى قلوب أهل الحرمان ، وطار على أسرار أهل العرفان في زمان الامتحان.
(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) : «الحاسد» : النفس الأمّارة ، والشيطان الملعون حسدا على روح جزّالة في الملكوت ، سيّارة في أنوار الجبروت ، فحسدهما مرام سهام غيرة قهر القدم ، ألا ترى كيف قال صلىاللهعليهوسلم : «العين حق» (١) ؛ لأنها سهم من سهام قهره.
قال بعضهم : «الفلق» : فلق الكمون من القلوب ، فأدارها على الألسنة.
وقال محمد بن علي التهذي : عطف الله على قلوب خواص عباده ، فقذف فيها ، فانفلق الحجاب ، وانكشف الغطاء ، وهو قوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ.)
قال الحسين : إشارة الحقّ أن جميع خلقه في معنى القطيعة عنه بكلمة واحدة ، وهي من لطائف القرآن.
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (١) : فالق الإصباح ، وفالق الحبّ والنوى ، وفلق البحر لموسى ، وفلق الأسماع والأبصار ، وفلق القلوب حتى انكشف له الغيوب.
قال صلىاللهعليهوسلم : «سجد وجهي للذي خلقه وشقّ سمعه وبصره» (٢) ، وفلق الصدور وفتقها وشرحها ؛ لتدارك ما جرى فيها من المباشرة ؛ إذ في ذلك صحة التحير ، وصفّاها من شر ما
__________________
(١) رواه البخاري (٥ / ٢١٦٧) ، ومسلم (٤ / ١٧١٩).
(٢) رواه مسلم (١ / ٥٣٥).