العارفين ، وأهل الإرادة من المؤمنين إظهارا للتواضع والتذلّل لجبروته وملكوته.
قال ابن عطاء : اقترب إلى بساط الربوبية فقد أعتقناك من بساط العبودية.
وقال الواسطي : العوام منقلبون في صفات العبودية ، والخواص مكرمون بأوصاف الربوبية ، ولا يشهدون غير صفات الحق ؛ لأن العوام بمحتمل الصفات لضعف أسرارهم ، وبعدهم عن مصادر الحق.
قال جعفر : اقترب من حيث العبودية فقد قرّبتك من حيث الربوبية.
سورة القدر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥))
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) : تلك الليلة من كشف جماله للعارفين ، وأهل شهوده من المقرّبين ، قدّر منازلهم في مقام المعارف والكواشف ، وقدّر مقادير الغيوب ، وأبرز أنوار ملكوته وجبروته لأهل القلوب ؛ لذلك تتنزّل الملائكة والروح في تلك الليلة ، يبشرونهم بالوصال ، وكشف الجمال أبدا.
قال سهل : ليلة قدّرت فيها الرحمة على عبادي.
وقيل : نزول الملائكة في تلك الليلة ؛ لاسترواح قلوب العارفين.
قال الأستاذ : ليلة يجد العابدون فيها قدر نفوسهم ، ويشهد العارفون فيها قدر معبودهم ، فشتّان بين وجود قدر ، وبين شهود قدر!
قوله تعالى : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ) : لما بشرّهم بأعالي الدرجات وسني الكرامات وسلامتهم من جميع البنيات ، يسلّم عليهم ويصافحهم ؛ لتصل بركات بعضهم إلى بعض.
قال سهل : سلم من انقطعت أوقات العارفين القائمين معه على حدود الأحكام من الأوامر والنواهي.