وقال سهل في قوله : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) : ما له في الغيب من المقدور له وعليه.
وقال في قوله : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) أي : على أي حكمة تموت من السعادة أو الشقاوة (١) ، والله أعلم.
* * *
سورة السجدة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣))
(الم) (١) : الألف إشارة إلى الإعلام ، واللام إشارة إلى اللزوم ، والميم إشارة إلى الملكة ، أعلم من نفسه أهل الكون ، وألزم العبودية عليهم ، وملكهم قهرا وجبرا حتى عبدوه طوعا وكرها ، فمن علم وقع في الاسم ، ومن عبد وقع في الصفة ، ومن تسخر لمراده كما أراد وقع في نور الذات ، وعلى هذا من الله سبحانه تنزيل كتابه أنزل على عبده إشارة للخصوص وعبارة للعموم بقوله : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ) ، لا يتعلل بعلل الكون.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦))
قوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (٤) : أفرد نفسه لعباده بأنه لهم ولي ولا شفيع ، لا غير حتى لا يلتفتوا إلى الأسباب ، ثم ينبههم بحقيقة ذلك فقال : (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ.)
قال القاسم : أو لا تنبهون أن من أسقطته الملك لا يصلح لخدمة الملك ، ثم بيّن سبحانه
__________________
(١) أي : أين تموت ، فربما أقامت بأرض ، وضربت أوتادها ، وقالت : لا أبرحها ، فترمي بها مرامي القدر حتى تموت بمكان لم يحطر ببالها. البحر المديد (٥ / ٤٥).