وقال : صغرت الأكوان في عينك بعد مشاهدة مكوّنها.
وقال : لأنك تنظر إلى الأشياء لتشاهد الحق ، ولا ينظر إلى الأشياء ليشاهده ملك.
قال سهل : تأدّبت بآداب القرآن ، فلما تجاوزوا حدوده.
وقال الواسطي : أظهر الله قدرته في عيسى ونفاده في أصف ، وسخطه في عصا موسى ، وأظهر أخلاقه ونعوته في محمد صلىاللهعليهوسلم بقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) ، فإذا فتشت هؤلاء في الحقيقة لا تجد إلا نعوتا قائمة بنعوت للمنعوت لا لغيره.
وقال : الخلق لا تحمله العوام ، والخلق لمن تخلق بأخلاق الربّ ؛ لأن الله أوحى إلى داود «تخلّق بأخلاقي ، فأني أنا الصبور» (١) ، فمن أوتي الخلق فقد أوتي أعظم المقامات ؛ لأن المقامات ارتباط بالعامة ، والخلق ارتباط بالصفات والنعوت.
قال الحسين : عظم خلقك حيث لم ترض بالأخلاق وسرت ، ولم تسكن إلى النعوت حتى وصلت إلى الذات ، ثم فنيت عن الذات بالذات ، حتى وصلت إلى حقيقة الذات ، ومن فني بالفناء كان القائم عنه غيره بالفناء.
وقال : كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلّى الله سره بأنوار أخلاقه ، وحقّ لمن وقعت له المباشرة الثالثة أن يكون مفضّلا في خلقه؟!
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣))
قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) : أخبر الله سبحانه أنه ينكشف يوم الشهود لعشاقه ، وأحبائه ، ومشتاقيه ، وعرفانه عن بعض صفاته الخاصة ، ويتجلى منها لهم ، وهو كشف ستر الغيرة عن عورات أسرار القدم ، فيشاهدونها بعيون عاشقة حائرة
__________________
(١) ذكره المناوي في فيض القدير (١ / ٤٦٥).