(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) إن الله سبحانه أدّب أهل الإرادة بهذه الآية ألا يتناجوا شيوخهم في تفسير إلهام واستفهام علم المكاشفة والأسرار ، إلا بعد بذل وجودهم لهم والإيمان بهم بشرط المحبة والإرادة ، فإن الصحبة بهذه الصفة أزكى وأطهر خيرا لقلوبهم ، وأطهر لنفوسهم ، فإن ضعفوا عن بعض القيام لحقوقهم ومعهم الإيمان والإرادة ، وعلموا قصورهم عن أداء الحقوق بالحقيقة ، فإن الله يتجاوز عن ذلك التقصير ، وهو رحيم بهم بأنه يبلغهم إلى درجات الأكابر قال الله : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا.)
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠))
قوله تعالى : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) : إذ رأى الشيطان أن ينبت في سبحة أرض النفس الأمّارة حنظل الشهوة يثبت إليها ، ويغريها إلى إنقاذ مرادها ، فتكون النفس مركبة ، فيهجم على بلد القلب ويخربه ، بأن يدخل فيه ظلمات الطبيعة وظلمات الشيطان ، ولا يرى عن القلب مسلك الذكر وصفاته ، فلمّا احتجب عن الذكر صار وطن إبليس وجنوده ، غلب الملعون عليه ، وهذا يكون بإرادة الله سبحانه ، وسببه اشتراء غرور الملعون وتزيينه ، بأن يلابس أمر الدين بأمر الدنيا ، ويغويه من طريق العلم ، فإذا لم يعرف دقائقه صار فريسة الشيطان.
قال شاه الكرماني : علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من