(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩))
قوله تعالى : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣٢) أي : على علم بصفاتنا ، ومعرفة بذاتنا ، ومشاهدة على أسرارنا ، وبيان على معرفة العبودية والربوبية ودقائق الخطرات من القهريات واللطفيات في زمان المراقبات.
قال الواسطي : اخترناهم على علم منا بجناياتهم وما يقترفون من أنواع المخالفات ، فلم يؤثر ذلك في سوابق علمنا بهم ؛ ليعلم أن الجنايات لا تؤثر في الرعايات.
وقال الخراز : علمنا ما أودعنا فيهم من خصائص برّنا ، واخترناهم بعلمنا على العالمين.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١))
قوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) : أرجى آية للعارفين هذه الآية ؛ حين فصل الله بينهم وبين الحدثان ، وأوصلهم إلى مشاهدته ووصله بنعت القربان.
قال بعضهم : يوم يفصل بين كل عامل وعمله ، ويطلب بإخلاص ذلك وبصحيحه ، فمن صحّ له مقامه وأعماله قبل منه وجزي عليه ، ومن لم يصلح له أعماله كان عمله عليه حسرة.
(إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠))
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) : إن يوم القيامة يوم يكشف السرائر والضمائر ، من كان ميله إلى غير الله يحتجب به عن الله ، ولا ينقذه ذلك عن البعد منه إلا من كان محفوظا برعايته ، محروسا بعنايته ، مجتبى بسوابق الاصطفائية الأزلية.
قال سهل : من رحم الله عليه في السبق فأدركته في العاقبة بركة تلك الرحمة ، حيث