وقال الحسن : كل من تقرب إلى الله بطاعته وجبت عليك محبته.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤))
قوله تعالى : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) : بيّن الله سبحانه قدس استغنائه عن المخلوقين حتى من نبيه وصفيه وجميع الملائكة والرسل بأنهم لو خالطوا حاشاهم في آياته وبيان شريعته ليمحو وجودهم وقلوبهم وما لا يليق بدينه ، ويثبت الحق والحقيقة بكلماته الأزلية التي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ، وفيه تقديس كلامه وطهارة نبيه صلىاللهعليهوسلم عن الافتراء ، وكيف يفتري وهو مصون من طريان الشك والريب والوساوس والهواجس على قلبه ، وفيه من النكت الغريبة أي : لو تظهر سرّ السر وغيب الغيب نربط على قلبك لطف الصحو ؛ حتى لا تفشي سرّنا من سكرك ، فيهلك العباد فيه.
قال سهل : يختم على قلبك ختم غلبة الشوق والمحبة ، فلا تلتفت إلى الخلق ، وتشتغل بإجابتهم.
وقال الواسطي : إن يشاء الله يختم على قلبك بما شاء ، ويمحو الله الباطل بنفسه ونعته ، حتى يعلم أنه لا حاجة به إلى أحد من خلقه ، ثم يحقق الحق في قلوب أنشأها للحقيقة.
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥))
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) : يقبل توبتهم حين خرجوا من النفس والكون ، وصاروا أهله مقدسين بقدسه ، ويعفو عن سيئاتهم ما يخطر بقلوبهم من ذكر غيره ، ويعلم ما يفعلون من التضرع بين يديه في الخلوات.
قال الأستاذ : إن لم يتب العبد خوفا من النار ولا طمعا في الجنة لكان من حقه أن يتوب ؛ ليقبل الحق سبحانه توبته.
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦))
قوله تعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : يعني يعطي سؤال السائلين في مشاهد قربه ، ويزيدهم ما لا يعلمون ؛ إنه مدخر لهم من غرائب لطفه وعجائب كرمه ؛ لأنهم شاهدوا مشاهد ربوبيته حين غاب عنها أكثر الخلق ،