مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨))
قوله تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) : ينهانا الله سبحانه عن عظيم قدره وجلال عزه ، وبأنه سبحانه خلق قوما من الجهلة ، وأطلقهم في مهمة الضلالة حتى وقعوا في مقالة السوء ، ويقولون على الله ما لا يعلمون من أعظم افترائهم ، تكاد السماوات تنشق من فوقهن من الغضب عليهم ، وذلك بعد أن ألبسها الله إقرار قدرته ، وأدخلها روح فعله حتى عقلت عبودية صانعها ، وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين وإشارة الملحدين ، والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى والباطلة ، ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته ، (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) : غفر ذنوب المقبلين ورحمهم بأن يرزقهم قربه ووصاله.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٢))
قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى) : وليّ كل وليّ ، في الأزل أجادهم بتجلي القدم من موت العدم ، تولى أسرارهم بنعت حفظها من قهره ، ويحيى بجماله قلوبهم عن موت الجهل به ، بعد أن عرّفهم نفسه ، وألبس أرواحهم أنوار حياته ، وفيه شكاية عن المشغولين بغيره ، الباقين في حجاب الوسائط ، يعرض نفسه بنعت الجلال والجمال على المقصرين ؛ ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم إلى محبته وعشقه ، ويحييها بنور أنسه وسنا قدسه.
قال ابن عطاء : الحق يتولى أولياءه في كل نفس برعايته وعناية طربه ، ومن كان الحق متوليا سعاياته وحركاته كان في أصون صون وأحرز حرز ، وهو الذي يحيى القلوب بمشاهدته وبالتجلي بعد الاستتار.
وقال الواسطي : يحيى القلوب بالتجلي ، ويميت الأنفس بالاستتار.
وقال سهل : لا يحيى النفوس حتى تموت.
قال بعضهم : قلوب أهل الحق مصانة عن كل معنى ؛ لأنها موارد الحق ، ولما بيّن أن