كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤))
قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٣٧) : عرّف الله سبحانه أهل معرفته نفسه بآيات المكاشفات وطلوع شموس المشاهدات والغيبة والاستتار بعده ، حين هم في ضياء المشاهدة ونور المكاشفة ، فيقبض منهم أنوار المواجيد والحالات قبضا يسيرا بحيث لا يعرفون ذهابه حتى بقوا في الحجاب ، فإذا دحا ليل الفقدان عليهم وهاموا في أودية الحيرة من طلب شمس المشاهدة فتلك الشمس تجري لمستقر لها تنكشف شمس الجلال من مشارق الآزال على أوقاتهم بمقادير الإرادة الأزلية ، فيكون الوقت سرمدا بغير فترة ولا انتقال بقوله : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٣٨) ، فإذا غابت عنهم شمس الذات طلع عليهم قمر الصفات في أبراج قلوبهم على منازل المقامات بقوله : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ) (١) ، يبدو لهم في أوائل الأحوال أنوار الصفات ، فيزيد لهم وضوحا
__________________
(١) قال حقي : (منازل) وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثني عشر برجا ، ينزل القمر كل ليلة في واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فإذا كان في آخر منازله دق واستقوس ، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين أو ليلة إن كان تسعة وعشرين وقد صام صلىاللهعليهوسلم ثمانية أو تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما ، والباقي ثلاثين وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «شهرا العيد لا ينقصان» أي حكمهما إذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما إذا كانا ثلاثين في الفضل وقد صح أن دور هذه الأمة هو الدور القمري العربي ـ