قال ابن عطاء : الفطرة جعل الأشخاص في قبضة القدرة والأرواح في قبضة العزة.
قال بعضهم : العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة لا غير ، وأجل منه من يعمل على رؤية الفاطر.
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩) يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥))
قوله تعالى : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) : ضاق صدر حبيب النجار ـ قدس الله روحه ـ لأجل قومه الذين شاهدوا قتله ، وضاقت صدورهم لأجله حتى تبرأ لأمر فراقهم ، إنه في رؤية الخلق بعد خلاصه من الخلق.
قال حمدون القصار : لا يسقطه عن النفس رؤية الخلق بحال ، ولو سقط عنها في وقت لسقط في المشهد الأعلى في الحضرة ، ألا تراه في وقت دخول الجنة يقول : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) ، تحدثه نفسه إذ ذاك برؤية الخلق.
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦))
قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) : خلق الأصناف من العرش إلى الثرى بغير رؤية ولا تفكّر ، بل على ما سبق في علمه في الأزل لا على مثال ، ولا على أشخاص ، وهو منزه أن يكون له شبيه أو نظير.
قال عبد العزيز المكي : خلق الأزواج كلها ثم قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ؛ ليستدل بذلك أن خالق الأشياء منزه عن الروح مستغن عنه.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ