وصدوره من أهله ووقوعه في محله إجمالاً ـ كما سيوافيك ـ.
د : الأخبار الدالّة على عدم تعلّق بعض التكاليف بهذه الأُمّة رفعاً للكلفة كقوله : «لو لا أن أشقّ على أُمتي لأمرتهُمْ بالسِّواك» فالفعل الشاقّ قد يكون حسناً ، بل واجباً عقلياً ، لكن لا يحسن الإلزام به لما فيه من التضييق على المكلّف ، فالحسن موجود مع عدم الأمر.
وقرّره الشيخ الأعظم بوجه واضح وقال : لأنّ الفعل إمّا أن يكون حسنه في الواقع على وجه يقتضي الأمر بها إلزاماً أو لا ، فعلى الأوّل تنتفي الملازمة ، والثاني ينافي الامتنان ، فإنّ ترك الإلزام بما لا ملزم فيه لا يعدّ امتناناً. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الكلام فيما يستقل العقل بإدراكه ، من حسن الإحسان وقبح الظلم ، وما يرجع إليهما كالعمل بالميثاق وإعانة الضعيف ونقض الميثاق ، والخيانة بالأمانة ممّا يستقل العقل بحسن الفعل وقبحه ، وأمّا السواك ، فليس العقل يستقل بحسنه بما هو هو ، نعم دلّت التجاريب على دوره في صحة المزاج ، فيدخل في باب إحراز المصالح والمفاسد ، وعندئذ يدخل في باب العلم بالمصالح والمفاسد ، وقد عرفت انّه خارج عن محط البحث لعدم إحاطة العقل بمناطات الأحكام وعلل الإلزام ، غاية الأمر ، العلم بالمقتضي لا بالعلّة التامة لاحتمال وجود موانع عن تأثيره.
والحاصل : أنّه لو كان العقل يستقل بحسن السواك من صميم ذاته كحسن الإحسان كان عدم إلزام الشارع نقضاً للقاعدة ، ولكنّه ليس ممّا يستقل ، غاية الأمر وقف العقل على فائدة السواك ، كوقوفه على سائر المصالح المقتضية لا العلل التامّة ، وقد عرفت أنّه غير كاف في باب استكشاف الأحكام.
إلى هنا تبيّن انّ ما استدل به صاحب الفصول لا صلة لها بالبحث ، فهي بين
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٢٤١.