المثبتون لهما فقد قالوا بوجوب المعرفة عقلاً لأجل استقلاله بحسنها ، أوّلاً وحثّه إليها ثانياً ، واحتمال الوقوع في الضرر في تركها ثالثاً ، كل ذلك يثبت كون المعرفة من الواجبات العقلية قبل ثبوت الشريعة.
٢ ـ تنزيه فعله سبحانه عن العبث :
قد تشاجر القوم في أفعاله سبحانه هل هي معلّلة بالأغراض أو لا؟ قالت الأشاعرة بخلوّها عن الغايات حذراً من استكماله سبحانه بغايات أفعاله وهو كمال مطلق وفوق الكمال.
وقالت العدلية باشتمالها على الغايات وإلّا لأصبح فعله عبثاً لغواً لا يليق بساحته. والغايات غايات للفعل لا للذات ، وترجع إلى العباد لا إلى الذات ، ومقتضى القول بقبح العبث تعيّن القول الثاني ، وقد عرفت دفع مشكلة الاستكمال.
٣ ـ لزوم تكليف العباد :
إذا كانت ساحته سبحانه نزيهة عن العبث لكونه قبيحاً ، فلازمه إيصال كل موجود إلى غايته وكماله الممكن حسب حكمته البالغة غير أنّ الموجود الفاقد للشعور ، أو الاختيار يصل إلى الغاية التي خلقت لأجلها ، تكويناً وأمّا الإنسان فالغاية المتوخاة من خلقته رهن أعمال خاصة اختيارية لا تتحقّق إلّا بإرشاده سبحانه وتكليفه ليريه طريق السعادة والشقاء ، ويرشده إلى ما يمدّه في طريق الكمال ويزجره عمّا ينافيه.
٤ ـ لزوم بعث الأنبياء :
إذا كانت الغاية المتوخاة من خلق الإنسان لا تحقّق إلّا في ظلّ التكليف ، يلزم بعث الأنبياء لبيان تكاليف العباد ، فالهداية التشريعية التي هي عبارة أُخرى