بعدم جواز خلو الواقعة عن الأحكام كما تدل عليه جملة من الأخبار.
والحاصل : أنّ القول بعدم ترتّب الثواب والعقاب إلّا على الأمر والنهي اللفظيين ، فهو منقوض بالإجماع والضرورة والسيرة.
الثاني : انّ ما أفاده من أنّ الجهات المدركة في المستقلّات العقلية ليست علّة تامّة ممّا لا يصغى إليه بعد موافقة الوجدان بأنّ الجهة المدركة من الإحسان والظلم ، حسب وجداننا هي العلّة التامّة. (١)
٤ ـ كلام للمحقّق القمّي وهو من المثبتين :
إنّ المحقّق القمّي فصّل الكلام في إثبات الملازمة وبيّنها بأتم البيان وردّ في خلال استدلاله ، على الأخباريين الذين قالوا : «إنّ الثواب والعقاب فرع الموافقة والمخالفة وبما انّهما لا يتحقّقان إلّا بخطاب الشارع الوارد في الكتاب والسنّة وحيث لا أمر ونهي فيهما فلا طاعة فلا ثواب ، ولا عصيان ولا عقاب». وبما انّ كلامه يتضمن بيان دليل المثبتين ننقله بطوله. قال :
تبيّن عندنا معاشر الإمامية وفاقاً لأكثر العقلاء من أرباب الديانات وغيرهم من الحكماء والبراهمة والملاحدة وغيرهم بالأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، بل بالضرورة الوجدانيّة ، التي لا تعارضها شبهة وريبة أنّ العقل يُدرِك الحسن والقبح ، بمعنى انّ بعض الأفعال بحيث يستحق فاعله من حيث هو فاعله ، المدحَ وبعضها بحيث يستحق فاعله كذلك الذم ، (٢) وإن لم يظهر من الشرع خطاب فيه ويظهر عنده هذا الحسن والقبح في الموادّ المختلفة على مراتبهما المرتّبة فيها بحسب نفس الأمر. فقد يدرك في شيء حسناً لا يرضى بتركه ، ويحكم بلزوم الإتيان به وفي
__________________
(١) مطارح الأنظار ، رسالة في الأدلّة العقلية : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(٢) إشارة إلى ما هو الملاك في وصف الأفعال بالحسن والقبح وهو نفس مختار المحقّق اللاهيجي ـ قدسسرهما ـ الذي أقمنا برهانه.