العقول». (١)
وكم للإمام وأولاده من كلمات ناصعة دالّة على أنّ كثيراً من تعاليم الشرائع شرحاً لما كتبه سبحانه بقلم قضائه على صحيفة وجود الإنسان وفطرته ، وقد طوينا الكلام عن نقلها وقد أشبعنا الكلام في منشوراتنا التفسيرية. (٢)
وما ذكره صاحب الفصول في خلال كلامه من احتمال خلو الواقعة عن الحكم رأساً ، فهو لا يوافق ما تضافر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع من قوله : «ألا ما من شيء يقرّبكم إلى الجنة ويبعّدكم عن النار إلّا وقد أمر الله بقائه ، ألا ما من شيء يقرّبكم إلى النار ويبعّدكم عن الجنّة إلّا وقد نهاكم عنه». (٣)
٦ ـ كلام للمحقّق الخراساني :
إنّ المحقّق الخراساني وافق صاحب الفصول في نظريته ونفي الملازمة بين الحكمين وقدّم لتحقيق مرامه أمرين ، والمهم هو الأمر الثاني الذي نأتي بخلاصته.
«إنّ مجرّد حسن فعل أو قبحه عقلاً ، لا يوجب إرادة العقلاء إيّاه ، بحيث يبعثون إليه عبيدهم أو يزجرونهم عنه ، كما يُحسِّنون أو يُقبِّحون عليه لو اتفق صدوره من أحد ، بل لا بدّ في حصولهما من دواع وأغراض أُخر ، فربما يكون لهم داع إلى صدور الحسن من العبد ، وربما لا يكون.
والحاصل ، أنّ مجرد حسن فعل لا يكون داعياً لإرادته من الغير ، وبدونه لا يكاد أن تتعلق لصدوره منه إرادة ، وتشهد به مراجعة الوجدان حيث لا تجد من أنفسنا حصول الإرادة بمجرّد ملاحظة حسن فعل الإنسان ، فربما لا نريد الاحسان
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١.
(٢) لاحظ «مفاهيم القرآن الجزء الأوّل : ص ٣٥.
(٣) البحار : ٧٠ / ٩٦ ح ٣.